احصائياتالطب النفسىنفهم
بنات التيك توك
بنات التيك توك
انتشرت فى الفترة الأخيرة ظاهرة التيك توك بين جنسى المجتمع . لكن على وجه الخصوص كانت مترسخة بين بنات الأندر ايدج ، فالتيك توك و أشباهه من البرامج مثل الميوزكلى و لايكى هى ليست شر خالص بل تم استخدامه بطريقة سيئة أدت إالى ما هو منتشر حاليا . فهذه البرامج من المفترض أنها برامج بسيطة هدفها الاستمتاع ، اكتشاف مواهب التمثيل المدفونة و العزف الموسيقى وغيرها من المواهب.
و لكن السؤال الآن ... لم انتشرت هذه الظاهرة بين افراد هذا الجيل و بالأخص البنات ؟؟ و للاجابة على هذا السؤال دعونا نتعرف على سيكولوجية الاندر ايدج .
سيكولوجية الاندر ايدج
فى مسمى آخر هو يسمى جيل المراهقة . هذه الفترة من العمر تعتبر فترة انتقالية من سن الطفولة لسن الرشد و تضم الأفراد من سن 13 ل 19 سنة . هذه الفترة يحدث فيها الكثير من التغيرات النفسية و الجسمية ، فهى فترة استكشاف بمنظور جديد للنفس ، فترة نمو الاحساس بالذات و احساس الفرد باستقلاله بنفسه . هى فترة بدأ تكوين الهوية و الاحساس الزائف للفرد بأنه كامل النضج و مسؤول الآن عن نفسه .
فترة يغلب عليها الاحساس بالأنانية و الغرور ، فهو يحس بأنه موضع اهتمام كل الأفراد ، فالكل مركز عليه من غريب و صديق . فترة بدء الصراع و المواجهة مع ملذات الحياة و بدء أخذ القرارات فى أى طريق سيسلك ، لذا فهى فترة هشة من السهل تضليله فيها و خروجه عن المألوف .
فترة صعبة للعائلة فى التعامل مع هذا الكائن الجديد الذى يأبى أية نصائح و يحس بأنه كامل الأهلية تماما ، و لا يريد أية مساعدة فى اتخاذ قراراته . كما أن هذه الفترة تكثر فيها الكثير من الأمراض النفسية كالاكتئاب و القلق و التردد و الخوف من الاندماج مع المجتمع و تكوين صداقات .
كل هذا يجعل هذه الفترة خطيرة جدا على الفرد ، فهو هش و سهل التأثر بأى شئ طارئ فى المجتمع ، و بالأخص الفتيات التى تنجذب بسهولة أكثر عن الشباب لوسائل التواصل الاجتماعى ، فهى لديها حب الظهور و الشهرة و جذب الأنظار .
و لكن السؤال هنا . هل وسائل التواصل الاجتماعى تؤثر سلبا على المجتمع بوجه عام و بنات الاندر ايدج بوجه خاص ؟
هل وسائل التواصل الاجتماعى مضرة
هناك بحثان تم نشرهما و لكن أحدهما يقول أنها تؤثر سلبا و تؤدى لكثير من الأمراض النفسية و الآخر نفى ذلك . و لكن بعد الاطلاع على البحثين وجدنا انهما ليسا متضاربين و المشكلة فى أساس البحثين .
فالأول اعتمد فعلا على المدة التى يقضيها الفرد امام وسائل التواصل الاجتماعى ، لكن الثانى اعتمد على المدة التى يقضيها الفرد امام شاشات التليفون الذكى ، و بالتالى قد تكون الفترة مقضية على ألعاب ، تعلم أشياء جديدة ، قراءة كتب الكترونية و هكذا ، فلا يشترط أن تكون على وسائل التواصل الاجتماعى و بالتالى تكون الفترة المقضية غير ضارة .
لذا فالبحث الأول هو الأهم و الذى وضح التالى
نتائج البحث الأول :
ان الفترة المقضية على وسائل التواصل الاجتماعى تعرض الاشخاص لاعراض داخلية - تجاه نفسه - ، و أعراض خارجية - تجاه المجتمع - .
الاعراض الداخلية هى القلق ، الاكتئاب ، الافكار الانتحارية ، الوحدة ، الصورة السلبية لنفسه .
الاعراض الخارجية هى الاندفاع ، قلة الاهتمام بالغير ، كسر القواعد .
و كلما زاد عدد الساعات المقضية زادت احتمالية حدوث هذه الأعراض حيث من 30 دقيقة ل 3 ساعات يجعل الاحتمالية الضعف ، و إذا كانت اكثر من 3 ساعات يزود الاحتمالية لمرتين و نصف و هكذا . واذا اردت تفاصيل أكثر عن البحث من هنا .
لذا فالخلاصة هى أن وسائل التواصل الاجتماعى بكل أنواعها شاملة للتيك توك فهى ضارة . لكن السؤال هنا لماذا تؤثر بسلبية أكثر على البنات .
لماذا تؤثر وسائل التواصل الاجتماعى بطريقة سلبية أكثر على البنات ؟
كما ذكرنا سابقا فإن البنات تنجذب أكثر للسوشيال ميديا عن الأولاد فى ظل وجود تطبيقات كالانستجرام و السناب شات حيث وضحت دراسة حديثة أن السناب شات ( بنسبة 41%) ، و الانستجرام (بنسبة 22%) هما أكثر تطبيقات السوشيال ميديا استخداما فى أمريكا بواسطة المراهقين بتلك النسب السابقة ، و وضح تقريرا آخر أنهما اكثر تطبيقات مسببة للأمراض النفسية .
و التيك توك على نفس النهج و لكن لكونه تطبيق حديث أطلق فى 2016 فالدراسات لم تستوفيه جيدا حتى الآن .
و لكن لماذا تؤثر السوشيال ميديا على البنات بسلبية أكثر :
1 - لانها تنتج عندها الاحساس بأنها غير كاملة
فهى أثناء التصفح صعب عليها مقاومة احساس مقارنة نفسها بغيرها من البنات ، وفى أغلب الاحيان ينتج عن هذه المقارنة إحساسها بانها أقل منهم أو غير كاملة ينقصها الكثير . وتقول لنفسها الكثير من الأسئلة : لماذا أنا لست مثلها ؟ لماذا لا أذهب لهذه النوعية من الحفلات ؟ لماذا متابعينى أقل منها ؟ لماذا أنا لست جريئة مثلها ؟ لماذا صورتى السيلفى لا تجلب نفس عدد لايكاتها ؟ .
فكل هذه الأسئلة الناتجة عن المقارنة تؤثر على نفسية البنت و تجعلها حزينة و مكتئبة كما أنها تؤثر على شكلها ، طريقتها ، ملابسها ، أكلها ، أسلوبها فيما بعد . فالفتيات تقارن فالوزن و الشكل و المظهر مما ينعكس على هيئتها فيما بعد . وقد يؤدى ذلك الى تقليد أعمى لمجرد أنها وجدت مثلا أن أسلوب هذه الفتاة فى الملابس يجعلها أكثر شعبية ، أو طريقتها فى شئ ما يجعلها جاذبة للأنظار .
على الرغم قد تكون الطريقة الحديثة التى اتبعتها هى الخاطئة ، و أسلوبها القديم هو الصحيح .
ومع استمرار مقارنة نفسها و حياتها بالآخرين ، فمن السهل عليها الوقوع فى فخ أن الكل سعيد فى حياته ، و أن الكل لديه حياة مليئة بالمغامرات و الاثارة عن حياتها الحزينة البائسة . وهذه المقارنات ينتج عنها احساسها بالحسد تجاههن ، و احساسها بأنها منبوذة ، كما ينمو عندها احساس بالخوف لضياع عمرها الذى لا تستمتع فيه مثلهن .
و نتيجة أيضا للمقارنات هى تدميرها النفسى عندما تنشر صورة او بوست لها لا تجد له تفاعل او مشاهدات ، فينبثق فى فكرها ان : لا احد يحبها ، أو انها لا تهم أحد . كما ان ليس هذا فقط ما يسبب لهم الجرح النفسى ، بل من الممكن ان يتعرضوا للنقد مما يزيد الطينة بلل .
لذا هذه الطريقة التى يتبعها الفتيات ليست هى الطريقة الصحيحة لاثبات الذات ، فهى طريقة هشة قد تعرض هؤلاء المراهقين للدمار النفسى ،و تؤثر على احساسهم بنفسهم و شخصيتهم التى فى مرحلة التطور والتشكل .
2 - لأنها تنتج عندها الاحساس بالوحدة
اثبتت الدراسات ان المراهقين - الاندر ايدج - الذين يستعملون السوشيال ميديا بدرجة كبيرة أكثر عرضة للاحساس بالوحدة . فهو يسأل نفسه : لماذا لا أمتلك أصدقاء جيدين أكثر ؟ لماذا أنا وحيد ؟ لماذا لا أفعل شيئا فى حياتى ؟ .
فأكثرهم وحدة هو من يقضى وقت أكثر على السوشيال ميديا من قضاء ذلك الوقت مع اصدقائه ، فهو قد يمتلك الكثير من المتايعين ، و لكن على الرغم ففى الحياة الواقعية قد لا تجد عنده أية أصدقاء ، كما أن ذلك غريب فهى اسمها " وسائل تواصل اجتماعى " و لكن هذه الطريقة من التواصل الاون لاين لاتشبع المشاعر ، فالافضل طريقة التواصل وجه لوجه و الاندماج بين الناس فى المجتمع الواقعى فضلا عن الانعزال فى هذا الواقع الافتراضى .
لأنها تدمر نومها و تجعلها فى أرق و تعب دائم
ليست مفاجأة أن السوشيال ميديا تحرم الناس من النوم مما قد يؤدى إلى مشاكل صحية و نفسية . و ذلك يحدث لسببين :
الأول : هو أن الضوء الناتج عن الموبايل يحبط افراز هرمون الميلاتونين الذى يحفز الجسم للاستعداد للنوم ، و ذلك يحدث عند استخدام الموبايل فى حجرة النوم قبل النوم بقليل .
أما السبب الثانى : عند استخدامه للسوشيال ميديا قبل النوم قائلا : " ساستطلع قليلا قبل النوم و لن اطيل " ، و لكن يجد نفسه استمر ساعات كثيرة دون أن بحس و بذلك ضيع ساعات النوم الغالية التى كان سيستفيد بها . وذلك ما يفعله المراهقون بل إن الامر يسوء أكثر فقد يستيقظ من النوم على صوت الاشعارات ليشاهدها قاطعا بذلك نومه ، مما ينعكس عليهم فى المدارس من فقدان التركيز و الاحساس بالنعاس .
و الآن سنستعرض تأثير التيك توك بشكل خاص على البنات .
تأثير التيك توك على البنات
هناك مشاكل اجتماعية و هناك مشاكل نفسية ...
المشاكل الاجتماعية هى :
1- العزلة الاجتماعية : على الرغم من ان التطبيق كان هدفه التواصل الاجتماعى مع الجمهور لكن المستخدمين و خاصة المراهقات فضلوا التواصل فى عالم وهمى عن الاندماج فى المجتمع الحقيقى ، و لم يعطوا الاهمية لتكوين صدقات و علاقات اجتماعية مع من حولهم .
2- تضيع الوقت و المال و المجهود : انه ليس من السهل ارضاء الجمهور على التطبيق ، الذى قد يجد ما تقدمه ليس ما يريده ، و بالتالى لن تجد ما تبغاه من التفاعل و قد لا يعود الامر عليك بفائدة .
3- العرى و الخلاعة :
لم يكن هذا هو الغرض من التطبيق ، و لكننا وجدنا أن البنات الصغيرات يظهرن اجسامهن أثناء الرقص بهدف امتاع جمهورهن و جذب جمهور أكثر . لكن أحيانا يضطرون الى فعل ذلك تحت ضغط جمهورهن لكى لا يفقدوهم .
4- وسيلة للمضايقة و التحرش : بما أن التطبيق يسمح بالنشر عالميا ، لذا ففرص التعرض للمضايقة بكل انواعها كبيرة . و الامر لا يقثصر على النقد على الشاشة ، فأولائك الناس قد يتعرضون لهن فى الحياة اليومية العادية ، و يمثلوا تهديد لهن .
5- وسيلة للابتزاز : ففى الثقافات التى يكثر فيها القتل من أجل الشرف كالهند و باكستان و بعض دول الوطن العربى ، قد يستخدم المحتوى المنشور فى ابتزاز الاشخاص حتى لو لم يكن موجود فيه بشكل مباشر . مثلما حدث مؤخرا فى الهند ، عندما صور احد التلاميذ صديقته و هى ترقص فى الفصل بشكل غير مباشر ، ولما انتشر الفيديو و علم به والدها قامت بالانتحار .
المشاكل النفسية هى :
1- النرجسية : صانعى محتوى التيك توك يبقى عندهم وسواس بأنفسهم ، فدائما لديهم صديق يطلبون منه على الدوام تصوير كل صغيرة و كبيرة فى حياتهم باستعراض أمام جمهورهم ، و تصوير تلك الحركات الجنونية الغريبة التى يفعلوها ظنا بأنها تجعلهم أكثر جاذبية .
2- إيذاء أنفسهم : فمنهم من يستخدمون البصل فى بعض فيديوهاتهم و كأنهم يبكون ، بل إن الأمر زاد عن الحد ففى بعض الفيديوهات يقفزون من فوق كبارى ، او يعملون الفيديو أمام قطار مار ، او لكى يضحك الناس يصدم نفسه بشئ و غيرها من الامور الغريبة .
3- الاكتئاب : كل ما يفعلونه هو من أجل الشهرة المتمثلة فى الحصول على المزيد من اللايكات و المشاهدات ، و لكن ماذا لو لم يجدوا ما رجوه من القبول و التفاعل ؟ سيصابون بالاكتئاب و الضغط النفسى الذى قد يؤدى إلى مشاكل نفسية أكثر .
4- استرعاء الانتباه : يعتبر مستخدمى تطبيق تيك توك و أشباهه أكثر عرضة للمشكلة النفسية " استرعاء الانتباه " . فهم يهدفون لارضاء جمهورهم و يظنون ان ذلك دليل على قبولهم فى المجتمع ، فبدلا من أن يطورون من أنفسهم فيما هو ناقص عندهم أو مطلوب منهم ، هم يخفون ذلك تحت غطاء أفعالهم هذه و الطريقة التى يتبعونها فى الحصول على الشهرة المؤقتة من هذه التطبيقات .
لايوجد شئ يعتبر شر خالص ، فالدواء مر و لكنه يساعد على الشفاء ، لكن اذا استخدم بطريقة خاطئة سينقلب للعكس و يضر . هكذا كل شئ فى الحياة حتى السوشيال ميديا ، فإذا استخدمتها بطريقة صحيحة و بعدد ساعات أقل و جعلت لنفسك وقت تطور فيه نفسك و تندمج فيه فى المجتمع و مع العائلة لن تضرك أما اذا أكثرت منها تتحول للعنة تصيبك و قد تؤدى لهلاكك نفسيا .
فالوسط من كل شئ هو المطلوب ، و تنظيم الوقت واجب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق